الثلاثاء، 30 ديسمبر 2008

لَنْ أُسَمِّيَهَا *

تَمَازَجَ الدَّمْعُ في عَيْنَيْكَ بِالْحِمَمِ وَظَلْتَ تَقْضِمُ قَوْلا غَيْرَ مُنْقَضِمِ

كَأَنَّ بِالنَّارِ مَا بِالْمَاءِ مِنْ بَلَلٍ حُزْنًا وَبِالْمَاءِ مَا بِالنَّارِ مِنْ ضَرَمِ

وَأَنْتَ تَحْبِسُ في جَنْبَيْكَ نَافِرَةً وَأَنْتَ تَحْكُمُهَا بِالْقَيْدِ وَاللُّجُمِ

وَأَنْتَ تَسْأَلُهَا في بَطْشِ مَحْكَمَةٍ عَنْ ذَرْفِهَا مِقَةً مِنْ حَرِّ مُضْطَرِمِ

فَإِنْ أَقَرَّتْ بِصِدْقٍ كُنْتَ جَالِدَهَا وَإِنْ تَسَامَتْ بِثَوْبِ الزَّيْفِ تَتَّهِمِ

وَأَنْتَ تُسْرِفُ في تَعْذِيبِهَا شَطَطًا وَأَنْتَ تَرْثِي لَهَا في شِدَّةِ النَّدَمِ

وَأَنْتَ تَحْرِمُهَا الشَّكْوَى وَتَمْنَعُهَا أَنْ تَذْكُرَ الْبَوْحَ في التَّسْهِيدِ وَالْحُلُمِ

تَبًّا لِبَغْيِكَ كُلُّ الْعِشْقِ مَغْبَنَةٌ هَيْهَاتَ تَبْلُغُ يَوْمًا صَهْوَةَ الْعِظَمِ

فَشِرَّةُ الْحُبِّ كَالْعِقْيَانِ تَحْسَبُهُا لَكِنْ إِذَا هَدَأَتْ فَانْعَمْ بِهَا وَنَمِ

وَضَمَّةُ الْقَبْرِ لا تَبْقَى وَإِنْ حَزَبَتْ وَقُبْلَةُ الْعِشْقِ لا تَفْنَى مَعَ الْعَدِمِ
* قد لا يعود الضمير على القصيدة.

الجمعة، 17 أكتوبر 2008

الأولى


أَلا يَسْتَحِيلُ سَحَرُ الْمُحِبِّينَ سِحْرًا، وَتَلأْلأُ نَجْوَاهُمْ فِيهِ تِبْرًا؛ فَرُبَّ سَجْدَةٍ تَزِنُ عُمْرًا، أَوْ قُبْلَةٍ تَسَعُ دَهْرًا، أَوْ دَمْعَةِ تَوْبَةٍ تَقْطُرُ شِعْرًا، أَوْ لَمْعَةِ عَيْنٍ تُطْبِقُ سُكْرًا وَأَسْرًا.

واسعٌ هو عالم الْحُبِّ، خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ الله، سبحانه! جَعَلَهُ يُقِيم حَيَوَات البشر، وفَرَّع منه الإخلاصَ والتوبةَ والإيمانَ والأملَ الذي يحمل الأم على إرضاع ابنها، مع علمها أنهما معا للفناء لا محالة، ذاك .. أو فَرَّعه منهما فَيَكَاد الأمرانِ يَتَسَاوَيان عندي.

وعليه سَبَّحَ الكون لله، وتَفَاعَلَ مَعَ من يسبحونه كذا، فكان التَّوَحُّدُ على التسبيح حُبًّا جديدا بين المسبِّحَيْنَ، فلا غرابة أن نرى الإمام الشعراوي بَشرا يُبْدِعُ في شرح تفصيلات كيف تبكي الأرض والسماء، رضي الله عنه وأرضاه.

تَنَافَسُ على الرسالة الأولى قضايا وأمور -والواو تفيد المغايرة دائما- وعند العقاد أن الفيلسوف يبحث عن الحكمة، أما الشاعر فتبحث عنه الحكمة، وعليه فتولية الوجه فَرْضٌ لازم شَطْرَ إيليا:

ما أتينـا إلى الحيـاة لنَشْقَى فأريحوا - أهلَ العقول - العقولا

فَعِشْ إذن وعَلَيَّ إِثْمُك -على طريقة الإمام عليّ- وشَرْطٌ أن تُرِدِّدَ في النفس لحن الحياة، لا أنْزِعُ حتى تنْزعَ، ولا يَتَّفِقُ لك اللحنُ إلا بقانونٍ يهدف في خطة إدارية مُحْكَمَةٍ كلَّ الإحكام إلى بلوغ السُّمُو، سموٌ يُمسَك باليدين، وصناعة الحياة إنما تكون بفلسفة التَّخَيُّر، وما خرج الراشد عن هذا الصراط، وغَرَضُ الكلام أن يَصِحَّ الْمَقْصِدُ فيستقيم القَصْد والهِمَّة عليه، ورحم الله أبا الطيب المتنبي:

أُرِيدُ مِنْ زَمَني ذَا أَنْ يُبَلِّغَني مَا لَيْسَ يَبْلُغُهُ مِنْ نَفْسِهِ الزَّمَنُ

وليس الأمر بالمُعْجِز، ولكنَّ عقلَك خادمُك المطيع، فإن أَمَرْتَهُ أنِ اعْجَزْ لَعَجَزْ، ولو قلتَ ابْلُغْ لَبَلَغَ، وحتى أَحتضنَ عينيك قريبا أقول لك جاء في الحديث الصحيح: "لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ" فردد النظر في كلامي والتَّرْوِيَةِ، وجَرِّبْ تذقْ، وعليه فقَوِّمْ، وأَدْلِ بِفَتْحِكَ.


من أعمالي الزخرفية