الجمعة، 10 أبريل 2009

عن أبى خليل

وَعَيْنٍ كَعَيْنِ الشَّمْسِ تَحْتَ سَمَائِهَا تَرَى وَهَجَ النُّظَّارِ يَذْوِى وَيَرْجِعُ

وَأُخْرَى إِذَا مَا اشْتَرَّ عُودُ ضِرَامِهَا وَجَدْتَّ لَهِيبًا فِيكَ يَنْمُو وَيَسْطَعُ

إِذَا أَشْرَقَتْ إِحْدَاهُمَا كُنْتَ نَافِرًا فَكَيْفَ إِذَا اجْتَمَعَا بِلَيْلٍ تَمَتَّعُ ؟!!

هذه كانت قصته فى تلك الليلة.

كان ينتظر دائما الوقت الذى تُوضَعُ فيه كل القيود على رَقَبَتِه، فلو اجْتَمَعَتْ بعضها دون باقيها شَعَر بحزْنٍ داخلىٍّ لا يلمسه إلا صديقٌ قَرِيبٌ أو حبيبٌ متداخلٌ مَعَ نفسه، يُمْكِنُكَ أن تفهمه بأنه طُمُوحٌ لأَحْلَكِ الليالى قتامةً، وأشد السلاسل ضيقا.

ثُمَّةَ هو يحب .. وكذا .. فَحُبُّهُ له فلسفةٌ لا تملكُ أن تُقِرَّهُ عليها؛ لأنه نفسَه لا يقرُّ نفسَه عليها؛ فهى تَثْبُتُ وتَنْمَحِى مع جَدِيدِ حَيَاتِهِ، وبالمناسبة هو مُتْحَفٌ بكل جديد، أما هذه فله فيها الحق..

كان من مظاهر ثورته فى عينيه أن تَهَدَّمَ ظَاهِرُ بنائِهِ - أو لِتَقُلْ نموذجه - أو كاد، وكان من مظاهر حبه فى عينيه أن تلاقى حُبُّه (الرجل) مع حُبِّه (المرأة)؛ حيث كان يَعُدُّ نفسَه السعادةَ التى تُثْمِرُ الابتسامةَ على وَجْهَيْهِمَا .. هكذا يفكر!!

ولكى يُحْرِزَ تقدمًا فى أحدِ خَطَّىْ حَيَاتِهِ هاذين، كان يزيد هجوما فى ثورتِهِ أو يزيد دفاعا عن حبه، وفى كل الحالات كان متأهبًا نافرَ العروق، وعندما تَحَقَّقَ صَبْوُهُ فى تقويض نموذجه أو تلاقى محبوبَيْه وجدتُّه هَدَأَ وابْتَسَم رِضَاءً وسعادةً لم أعهدهُ بها فى صوته وحركاته من سنة أو سنتين، بل لم يعهدها هو فى نفسه من زَمَنٍ يدانى هذه المدة!!

ولا يملك عاقلٌ إلا العجبَ تجاه دالٍّ كهذا لفْظًا ومَعْنى، ولكن ما يتملكنى حقا أنى لا أَعْجَبُ اليومَ بقدرِ ما أَسْعَدُ بأنى أَفْهَمُ هذه التركيبةَ، وأقتربُ منها من حيث لا أرى منازعا لى من نقطة الرؤية هذه.